الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٢ / أبريل / ٢٠٢٥
Logo
  • إدارة ترامب تسلم قائمة "بناء الثقة".. لرفع العقوبات عن دمشق

  • استمرار العقوبات الأمريكية على دمشق مرتبط بتنفيذ خطوات محددة، تعكس رؤية أمنية أمريكية لا تهدف إلى إنقاذ سوريا بل تحجيم خصومها
إدارة ترامب تسلم قائمة
سوريا \ مصممة بالذكاء الاصطناعي

كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، يوم الخميس، نقلاً عن مسؤول أمريكي، أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب قدّمت إلى وزير الخارجية السوري قائمة تتضمن ثمانية بنود تمثل خطوات أولية لـ"بناء الثقة" بين واشنطن ودمشق خلال اجتماع عُقد في بروكسل الشهر الماضي، ويبدو أن هذه المبادرة تعكس رغبة أمريكية في ضبط إيقاع العلاقة مع الحكومة السورية الجديدة دون رفع كامل للعقوبات المفروضة عليها.

وذكرت الصحيفة أن تنفيذ هذه البنود يُعد شرطاً مسبقاً لبحث تخفيف جزئي للعقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق، والتي ما تزال قائمة منذ عهد الرئيس السابق بشار الأسد، ويظهر هذا الطرح الأمريكي كنوع من اختبار النوايا من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الشرع وحكومته.

وتضمنت الوثيقة التي قالت الصحيفة إنها اطلعت عليها، مطلباً أمريكياً بالسماح لواشنطن بتنفيذ عمليات لمكافحة الإرهاب داخل الأراضي السورية، تستهدف أي جهة تُعتبر تهديداً للأمن القومي الأمريكي، ويشير هذا البند إلى أن واشنطن لا تزال ترى سوريا ساحة مفتوحة لضبط أمنها الاستراتيجي خارج حدودها.

وإضافة إلى ذلك، شملت القائمة بنداً يُلزم دمشق بإصدار إعلان رسمي يحظر النشاطات والمجموعات الفلسطينية السياسية على أراضيها، إلى جانب ترحيل أفراد تلك الجماعات، في محاولة لطمأنة إسرائيل، وهذه الخطوة تؤكد التقاء الرؤية الأمريكية مع الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية في سوريا.

كما طالبت واشنطن من الحكومة السورية إعلان دعمها العلني للتحالف الدولي ضد "تنظيم داعش"، في ما يبدو مسعى أمريكياً لانتزاع موقف سياسي واضح من الشرع ضد التيارات المتطرفة، وهذا الطلب يعكس محاولة واشنطن التأكد من تحوّل حقيقي في السياسة السورية تجاه الإرهاب.

وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس ترامب، الذي كان يدرس تقليص الحضور العسكري الأمريكي في سوريا بعد تعليق بعض برامج المساعدات الإنسانية، كان يواجه في المقابل معارضة متزايدة من شركائه الأوروبيين والعرب الذين باشروا التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، وهذا الخلاف يعكس تبايناً في الحسابات بين واشنطن وحلفائها حول جدوى دعم الشرع أو احتوائه.

ومنذ خلع بشار الأسد في ديسمبر 2024، اتجه الرئيس أحمد الشرع بخطوات مدروسة نحو القوى الغربية، وهو ما اعتبره كثير من حلفاء الولايات المتحدة، باستثناء إسرائيل، فرصة سياسية لإعادة تشكيل التوازن في منطقة مقلقة، لكن الحذر الأمريكي بقي سيد الموقف، خاصة في ظل غياب دلائل قاطعة على تغير فعلي في نهج السلطة.

وقالت "واشنطن بوست" إن إدارة ترامب، رغم العقوبات المستمرة، لم تُبدِ انفتاحاً واضحاً تجاه دمشق، واكتفت بمراقبة المشهد عن بعد، وتدل هذه المراوحة على عدم اقتناع واشنطن بعد بنوايا الشرع رغم الإشارات العلنية للتقارب.

وذكر مسؤول أمريكي بارز: "إننا نواصل التعامل مع سوريا بحذر شديد حتى يثبت الشرع أنه نجح في تطهير حكومته من المتشددين الإسلاميين الأجانب وبقايا تنظيم القاعدة، ويثبت أنه قادر على توحيد الأقليات المختلفة في سوريا". 

وهذا التصريح يكشف بوضوح أن التحدي الأساسي من وجهة نظر واشنطن لا يتعلق بالشرعية السياسية بقدر ما يتعلق بالقدرة على استيعاب التنوع الاجتماعي ومكافحة التطرف.

وأضاف نفس المسؤول: "لا نهدف بالضرورة إلى إنقاذ سوريا من أجل الشعب السوري.. نهدف إلى عدم عودة إيران وعودة تنظيم "داعش" باعتبارهما المصلحة الأساسية للشعب الأمريكي هناك"، وهذا الكلام يؤكد أن الأولوية الأمريكية تبقى أمنية بحتة، وليست إنسانية أو ديمقراطية.

ومنذ بداية ولايته، لم يُدلِ ترامب بتصريحات ملحوظة عن الملف السوري، بل لم يحسم قراره النهائي حول سحب القوات رغم أنه أصدر هذا الأمر ثلاث مرات خلال فترته السابقة قبل أن يتم التراجع عنه لاحقاً، وهذا الغموض في الموقف الأمريكي يعكس تضارباً داخلياً في مؤسسات الحكم الأمريكية بشأن مستقبل التواجد في سوريا.

وفي حين لا يجري النظر حالياً في انسحاب أمريكي كامل من سوريا، فإن تقارير دفاعية كشفت عن تخطيط لتقليص الانتشار العسكري تدريجياً، وهذه السياسة المرحلية قد تفتح الباب أمام تغيرات جوهرية في طبيعة النفوذ الأمريكي شمال شرقي البلاد.

وأوضح مسؤول أمريكي متخصص في الملف السوري أن الاتجاه الحالي يميل إلى خفض عدد الجنود الأمريكيين إلى الحد الأدنى، قائلاً: "أعتقد أننا سنقلص عددنا إلى مكان واحد صغير جداً في الشمال الشرقي"، ويبدو أن هذا التوجه يستهدف الحفاظ على حضور رمزي دون التورط في التزامات ميدانية واسعة.

ليفانت-وكالات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!